ثلاثة أجيال تحت نظام صحي واحد

أجتماع تاريخي ذلك الذي عقدناه الأسبوع الماضي في صيف حار لاهب في عاصمة الطب -- مدينة الرياض .
في الأجتماع ظهر واضحا حماس وأندفاع الأطباء (الصغار) وحكمة وحنكة وحذر الأطباء (الكبار) ، فالأمر الذي ناقشناه في الأسبوع الماضي يمس وبشكل مباشر وفي الصميم سيرورة العمل في وحدة الأسعاف .

فقد كنت (كاتب هذه السطور) من أكثر وأشد المنتقدين لسير العمل فيه سرا وجهرا وعليه فليس غريبا أن أكون أحد المدعوين لهذا الاجتماع (المصيري).

كان الدخول إلى خدمة الأسعاف يقوم على مبدأ التقييم ثم يعطى المريض رقما لينتظر دوره ومن يقوم على التقييم (ممرضات) لديهن القليل من اللغة العربية (الدارجة).

أذا فهناك (رقم) يتعبه الأنخراط في صف طويل من الأنتظار ولطالما سمعت نداء الأستغاثة الأزرق (Code Blue) ليشير إلى وقائع حرجة للمرضى كانوا ينتظرون دورهم ، لقد كان هذا مبعث أستيائي ونقدي الشديد والجارح أحيانا وكنت أتعجب -- ولي الحق - هل يصنع الأطباء الأنظمة الآمنة أم ينخرطون (طوعا أو كرها) في أنظمة طبية (بائسة) لا تراعي أدنى معايير سلامة المرضى

أتـفـقـنا- والحمد لله - وبعد عدة أجتماعات جانبية و(عملية) متقاربة وكنت أظن غير ذلك  للتباين الشديد في الآراء - لأن طريقة العمل (الجديدة) المقترحة هي تغيير (شامل) حتى لما أعتادت عليه كل المستشفيات في الشرق والغرب في داخل مملكتنا الحبيبة وخارجها ، فأسلوب العمل (الجديد) يقوم على أن (الأطباء) هم من يقوم على تقـيـيم ومن ثم تصنيف المرضى وليس الـ(ممرضات) كما جرت العادة ، وتصنيف حالات المرضى يتم بوضع لون من ثلاثة ألوان
أحمر : يعاين المريض (فورا) في غرفة مجهزة لأسوا الأحتمالات
أخضر : يعاين المريض في وقت لا يتجاوز 30 دقيقة
أصفر : يعاين المريض في وقت لا يتجاوز 120 دقيقة
 
 لا شلك أن المضي في هذا الأسلوب الجديد في سير العمل سيجلب علينا - أطباء وطواقم طبية وأدارية -الكثير من المتاعب والسخط وحتى الأهانات والتهديدات اللفظية والفعلية وستنهال الشكاوى للأدارة العليا كالسيل العارم الذي لا ينتهي 
كل ذلك سيأتي من لدن من كان (مستفيدا) من أستمرار الوضع (السابق) ولكن علينا أن نمضي- جميعا- وأن يوآزر بعضنا بعضا فتغيير طريقة عمل أعتاد عليها المجتمع والأطباء و حتى الأدارة لأجيال متعاقبة لن يمر مرور السحاب وأن أعداد الممرضات والاطباء  والأدارة "نفسيا" لهذا التغيير والمنعرج الحاد لا يقل أهمية عن تهيئة الأسعاف "مكانيا" ليتوافق مع التغيير الشامل القادم 
قال لي زميل ممن حضروا الأجتماع معنا...هل سننجح ؟ 
فكان جوابي -- نعم -- بالتأكيد أن شاء الله 
قلتها وكلي ثقة لاننا طبقـنا الأسس العلمية والعملية لحل أي مشكلة وهي ثلاثة في نظري المتواضع :
الأدراك بوجود المشكلة : فقد أدركنا جميعا أن هناك مشكلة
أقتراح الحلول الصائبة لها : وهذا ماتم بالفعل في هذا الأجتماع
صدق النوايا في تطبيق الحلول : وهذا ما ستـثبته أو تدحضه الأيام القادمة
وقلت له ونحن نفـترق ، أن غدا لناظره قريب. 

نشرت هذه المادة في موقع سلامة المريض 97  عام 1419 هـ